تتردد في المحاكم هذه الأيام أزمة عدم وجود حجاب المحكمة الأمر الذي تسبب في تأخر بعض الجلسات عن الانعقاد، وأحدث فوضى إدارية تمثلت بنقل الملفات وتحضير قاعة الجلسات للانعقاد. السبب الرئيسي حسبما يتردد أيضاً هو انتهاء عقد الشركة المقاولة وما يتبعه من إجراءات انتقالية، لكن الواقع يكشف حقيقة أن هناك خللاً إدارياً جسيماً في سير مرفق العدالة وذلك بعدم تسليم أو استلام المناقص الجديد لتنفيذ العقد العام.
يثار أيضاً مسألة تكويت حُجاب المحكمة هذه الأيام فهل صارت العبرة بجنسية الموظف أم في انضباطه الوظيفي الذي يخضع لرقابة الإدارة التي يُنفذ العقد لمصلحتها؟ علينا أولاً أن نتساءل لماذا تدهورت هذه المهنة الجليلة في خدمة القضاء والمتقاضين لما وصلت إليه؟ فمن ينظر لحال هؤلاء الموظفين الذين يتقاضون رواتب زهيدة لا تتجاوز قيمتها 80 ديناراً، وظروف معيشية صعبة في سكن مكتظ؟
إن تكويت أي مهنة أو وظيفة يحتم تعديل قرارات مجلس الوزراء الخاصة بتحديد نسب العمالة الكويتية في كل نشاط من الأنشطة التجارية، والتي هي 10 في المئة، في الفئة الإدارية والخدماتية التي تنتمي لها مهنة الحاجب. وبالتالي ومن ناحية عملية فإن الحل ليس لدى وزارة العدل في هذه الحالة بل لدى مجلس الوزراء، كما أن وزارة العدل تستطيع كما هو شأن جميع وزارات الدولة ومنها التربية مع المعلمين أن تتعاقد مع الحجاب بشكل مباشر.
لا يغيب أيضاً ما يتردد هذه الأيام بأن الدنيا «راح تمشي بدونهم»، لأنه طرح غير منطقي في وزارة تعتمد الأوراق في كل أعمالها والملفات الضخمة التي تنتقل بين الأقسام بالطريقة البدائية بالعربة والجرار، فمن الأوجب في هذه الظروف أن يفكر المسؤولون أولاً بحسن سير مرفق العدالة، أما إلغاء مهام الحاجب فجأة فإنه رهان على المجهول ولا يجوز أن نعرض مرفقاً مثل مرفق القضاء لهزة إدارية وتنظيمية ستخلف آثاراً غير مدروسة في المستقبل القريب إن لم يتم تداركها، وأهم ما يجب تداركه هو وقف فكرة «لسنا بحاجتهم» إلى ما بعد سماع الرأي من أمناء الجلسات فهم الأعلم بشؤون وظيفتهم ومتطلباتها.
أزمة الحجاب فرصة لمراجعة وتقييم الوضع الإداري كاملاً في كل أقسام الوزارة، وفرصة لوضع أهداف صريحة بتحسين بيئة العمل في الوزارة والانتهاء من الزمن الورقي الذي خلف لنا الضياع والفقد والسرقة والتأخير في الضم، والانتقال – كما هو الحال في أغلب مؤسسات الدولة – إلى الحالة الإلكترونية والتي ستنتهي عندها كل مشاكلنا مع الأوراق، باختصار المشكلة في الأوراق وليست في الحُجاب يا سادة.
هامش
الفرصة متاحة الآن لكل من أراد أن يدلو بدلوه بشأن تعديل القوانين الأساسية، وذلك عبر إطلاع اللجان الوزارية بالمقترحات اللازمة من وجه الخبرة والممارسة اليومية لمهنة الشقاء، يبقى أن هناك واجباً على كل من يسعى بحياة أفضل، في مجتمع تسوده قيم الكرامة الإنسانية والعدالة وأن يسعى جهده في تعديل الوضع القائم، يكفينا 60 عاماً من عمر تلك القوانين وحان وقت تعديلها لما يتناسب مع أوضاعنا الاجتماعية الجديدة.